تشهد زراعة الخضر في مصر أزمة خانقة تهدد المزارعين بخسائر غير مسبوقة، وسط تذبذب الأسعار، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وتكدس المحاصيل دون طلب كافٍ في الأسواق.
تشهد زراعة الخضر في مصر أزمة خانقة تهدد المزارعين بخسائر غير مسبوقة، وسط تذبذب الأسعار، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وتكدس المحاصيل دون طلب كافٍ في الأسواق.
وفي هذا السياق، قال محمد الجوهري، مزارع وعضو المجلس النوعي للفراولة، في تصريحات خاصة لـ "البوصلة نيوز"، اليوم الأحد، إن الوضع الحالي للمزارعين "كارثي"، وإن عام 2025 قد يشهد خروج عدد كبير منهم من القطاع الزراعي إذا استمرت الأوضاع على هذا النحو.
وأشار "الجوهري" إلى أزمة البطاطس، قائلًا: المزارعون في الدلتا تلقوا ضربة موجعة في زراعة البطاطس، بعدما تعرضوا لخسائر كبيرة نتيجة انخفاض الأسعار بسبب زيادة المعروض، في محاولة لإنقاذ أنفسهم، قرر بعضهم زراعة الفاصوليا باعتبارها من المحاصيل التي لا تخسر، لكنهم فوجئوا بأن السوق مشبع بالفعل، مما أدى إلى انهيار الأسعار من جديد، وتعتبر هذه خسارة فوق الخسارة، والنتيجة أن المزارعين يواجهون مأزقًا غير مسبوق، أما الفريق الآخر، فقد لجأ إلى زراعة الطماطم على أمل أن قلة المزارعين الذين يزرعونها ستؤدي إلى ارتفاع سعرها.
وحذر "الجوهري" من هذا التوجه، لافتًا أن زراعة الطماطم ليست حلًا، بل مغامرة خطيرة، والمزارعون الذين دخلوا هذا التحدي قد يجدون أنفسهم في ورطة أكبر، لأن أسعار الطماطم لا يمكن التنبؤ بها، وقد يتسبب العرض والطلب في كارثة جديدة.
وتابع، انتقلت الأزمة إلى مزارعي الطماطم في الصعيد، الذين تكبدوا خسائر فادحة، مما دفعهم إلى البحث عن بدائل لمحاولة تعويض خسائرهم، وكان الخيار الأكثر شيوعًا هو زراعة البطيخ، لكن هذه الخطوة جاءت بمفاجأة غير متوقعة، حيث ارتفع سعر صينية شتلات البطيخ إلى 1800 جنيه، وهو سعر خيالي يزيد من المخاطر التي يواجهها المزارعون.
ولفت إلى أن زراعة البطيخ كان خيارًا اضطراريًا للمزارعين في الصعيد، لكن الأسعار الجنونية للشتلات جعلت الأمر غير مجدي اقتصاديًا، بدلًا من تعويض خسائرهم، وجدوا أنفسهم أمام تكاليف إنتاج مرتفعة، مما يزيد من احتمالية فشل الموسم.
وحذر "الجوهري" المزارعين، أنه لابد من تجنب زراعة الخضار هذا العام أمام هذه الأوضاع الصعبة، ومن يريد تجنب الخسائر هذا العام، عليه التفكير جيدًا قبل اتخاذ قرار الزراعة، لأن المحاصيل الخضرية أصبحت غير مضمونة، ومن لم يدرس السوق جيدًا قد يجد نفسه غارقًا في الديون.
وأضاف، أن الأزمة الأكبر ستواجه المزارعين الذين استأجروا أراضي بأسعار مرتفعة، حيث سيجدون أنفسهم غير قادرين على تحقيق أي ربح.
وأكد الجوهري أن الأزمة الزراعية الحالية هي نتيجة لعدم وجود سياسات واضحة تنظم الإنتاج الزراعي، حيث يعتمد المزارعون على توقعاتهم الشخصية والأساليب التقليدية في اتخاذ قرارات الزراعة، مما يؤدي إلى تذبذب حاد في الأسعار، سواء بالزيادة أو الانخفاض، مؤكدًا ما لم تكن هناك سياسات زراعية واضحة، ودراسات دقيقة للسوق، فإن الأزمة ستستمر، والمزارع سيظل يواجه المشكلة نفسها عامًا بعد عام.